ثالثاً: عناصر ومتطلبات نظام الإنتاج الآني (Elements of JIT system)
تتمثل العناصر الأساسية والمتطلبات التي يعتمد عليها نظام الإنتاج الآني بما يلي ونمثلها بالشكل التوضيحي التالي:
1- التخلص من العادم و التالف أو الهدر(Elimination of waste):
يعرف العادم أو التالف بأنه أي شيء يزيد عن الحد اللازم لخلق قيمة للمنتج وذلك فيما يتعلق بالمعدات،المواد،الأجزاء ،المساحة،ووقت العاملين.هذا يعني أن العادم أوالتا لف يمثل كل شيء لا يضيف قيمة للمُنتج النهائي،وللتخلص منه على المنظمات أن تحدد بشكل واضح ما الذي يؤدي لإضافة قيمة والذي لا يؤدي لإضافة قيمة و استثناء الأنشطة التي تزيد في التكاليف وبالتالي تخفض في أرباح المنظمات.
بالتالي يعمل نظام الإنتاج الآني على إزالة الهدر بكافة أشكاله سواء ما يصنـف بالهـدر التقليـدي كالوقت و رأس المال العاطلين بصورة غير مبررة اقتصادياً أو التلف والعطل في الآلات أو الأرض وغيرها، أو ما كان خارج المفهوم التقليدي مثل هدر الموارد البشرية، وبحسب الجمعية الأمريكية للمهندسين تتمثل الخطوات الأساسية لانسياب العملية الإنتاجية بالشكل التالي:
وتفسر الأشكال في الرسم الموضح أعلاه كما يلي:
العملية ورمزها الدائرة، النقل رمزه السهم ، التأخير رمزه D
الفحص رمزه المربع ، التخزين رمزه المثلث
إلا أن نظام الإنتاج الآني يرى بأن كل ماسبق يمثل هدراً ماعدا العملية، حيث أن العناصر الأربعة السابقة (النقل، التأخير، الفحص، التخزين) لا تخلق قيمة إضافية.
فعد المواد وإحصائها لا يضيف قيمة، كما أن تحريكها من مكان لآخر لا يخلق قيمة بل ربما يؤدي إلى فقدها أو تضررها، وكذلك خزنها لا يضيف قيمة بل يؤدي إلى تحمل تكلفة الاحتفاظ بالمخزون، حتى عملية الفحص لا تخلق قيمة و إنما تؤكد أن العمليـة قد تحققـت أي أن نشاط الفحص بذاته لا يضيف قيمة.حيث أن القيمة المضافة حسب نظام الإنتاج الآني تتحقق فقط في العملية التي تؤدي إلى التغير المادي في المنتج، بالتالي تكون عملية الإنتاج و انسيابها في نظام الإنتاج الآني في الشكل البسيط التالي:
2- احترام الأفراد العاملين (Respect of workers) :
إضافة لاهتمام نظام الإنتاج الآني بالتخلص من التالف و الهدر، هو يعتمد بشكل أساسي و كبير على احترام الأفراد و العاملين ، حيث يعتبر أن تحسين الإنتاجية لا يمكن أن يتم بدون دعم العاملين فهؤلاء هم الذين ينجزون الأعمال و مسؤولون عن نجاح المنظمة ، كما أنهم مصدر للأفكار فيما يتعلق بتحسين الجودة لقربهم من وتماسهم مع العملية الإنتاجية لذلك يعتبر الاهتمام بالعنصر البشري من أولويات نظام الإنتاج الآني.
فشركة تويوتا تعامل كافة العاملين كزملاء وشركاء يأكلون في نفس المكان و يلبسون نفس اللباس وهناك مواقف لحافلات الجميع كما أن هناك مكاتب خاصة بهم تتوضع بدون جدران ، ولكي يقدم العاملون أفضل ما لديهم تزيل الإدارة من نفوسهم الخوف من ارتكاب الأخطاء أو تضمينها في تقاريرهم ، فمن الخطأ نتعلم و نتفادى الوقوع فيه مجدداً.
3- التحسين المستمر(Continuous improvement) :
التحسين المستمر أساسي لنجاح المنظمات مهما كان المستوى الذي وصلت إليه المنظمة يبقى هنالك حيز للتحسين، فالوقوف عند مستوى معين يعني السماح للمنافسين بتجاوزنا.
التحسين المستمر يتضمن تغييرات متزايدة يمكن رؤية آثارها على المدى القصير كما أنه يؤدي لمساهمات مهمة على المدى البعيد، وللوصول لهذا التحسين بشكله الصحيح لابد من دعم الإدارة العليا بالدرجة الأولى حيث أنها مطالبة بتبني الهياكل الداعمة و الضرورية لعملية التحسين وعلى رأسها تلك التي تؤكد على مشاركة العاملين في كافة الأنشطة و العمليات لتضمن قبولهم لعملية التحسين المستمر و الذي يعد وسيلة هامة تمكن المنظمة من الوصول لأهدافها خصوصاً فيما يتعلق بالمزايا التنافسية و تحقيق الإيرادات.
تجدر الإشارة إلى أن التحسين المستمر لا يشمل فقط العمليات أو الأنشطة العملياتية و المادية إنما يشمل أيضا تحسين و تطوير في مجالات الموارد البشرية،الأهداف ،الرؤية ،الرسالة وكل ما له أثر ودور في مسيرة حياة المنظمة.
4- التركيز على العملاء (Focus on customer) :
إن التركيز على العملاء يعتبر الأساس و القوة الدافعة وراء مصطلح الجودة و تحسين الإنتاجية و أخيراً نجاح المنظمة، حيث أن التركيز على الزبائن يتجاوز استلام طلباتهم و تنفيذها، وإنما يتطلب الاتصال والتواصل معهم مما يشعرهم أن المنظمة قريبة منهم ومهتمة بهم، وهذه الميزة تساعد المنظمة على تحديد الكميات المطلوب إنتاجها والمواصفات والأوقات المناسبة مما يساعد على وضع خطة الاحتياجات لتأمينها بالأوقات المناسبة كما أن الاتصال المباشر بالعملاء سيمكن المنظمة من تحديد توقعاتهم بشكل دقيق بالتالي إجراء التحسينات المطلوبة لتحقيق ما يرغبون به و هذا يعطيهم انطباع أن المنظمة تهتم بهم.كما يمكن دعوة العملاء للمنظمة لمشاهدة تفوق أداءها في مجال النوعية و كافة العمليات التصنيعية و هذا سيعزز فهم و إدراك العملاء لجودة المنتج في المنظمة.
5- معدل إنتاج منتظم (fixed rate of production) :
يتطلب نظام الإنتاج الآني تحقيق انسيابية كفوءة للمواد من الموردين إلى عمليات الإنتاج إلى المستهلكين دون تأخير أو عرقلة باستثناء بعض التأخير الذي قد تحصل أثناء عمليات الإنتاج ، من المفروض أن يكون المخزون في حده الأدنى و يتم اعتماد الجدولة من (1-3) أشهر مستقبلية تقسم لمستويات أسبوعية و يومية حسب حاجة العملية الإنتاجية.
يهدف هذا الإجراء تحقيق انسيابية متزامنة بكميات صغيرة من المواد الخام و بمعدلات منتظمة وعليه لا يوجد مخزون فائض في النظام حيث يتم اعتماد الجدولة المطلوبة وفقاً لتحقيق ذلك فمعظم المنظمات التي تعتمد نظام الإنتاج الآني تضع معدلات إنتاج شهرية و تحدد كميات الإنتاج اليومية على هذا الأساس الشهري و بدلاً من إنتاج سلعة واحدة لفترة طويلة من ثم الانتقال لإنتاج سلعة أخرى تستخدم هذه المنظمات تقنية النموذج المزيجي للتجميع والذي يطلق عليه (mix of model) فكل يوم يتم إنتاج مزيج من النماذج كسلسلة قصيرة متكررة و عليه كل نموذج سيعاد إنتاجه بشكل متكرر بنسب تناسب مقدار الطلب عليها.
6- التنسيق بين مراكز العمل (Organization between work centers) :
من العناصر الهامة لنظام الإنتاج الآني هو التنسيق بين عمليات التجميع و التصنيع بين مراكز العمل و التي تغذي خط الإنتاج خاصة إذا تم تغيير مزيج المنتجات بشكل متكرر و هناك أسلوبين للتنسيق بين المراكز هما:
أ- أسلوب الدفع (push method) :
ضمن هذا الأسلوب والذي يستخدم في الإنتاج التقليدي غالباً تقوم مجموعة الرقابة على الإنتاج بجدولة الكميات الضرورية من المواد الخام لإنتاج جميع الوحدات من الكميات المطلوبة للتجميع النهائي حيث يتم توفير المواد الخام للعاملين عند بداية مراكز العمل في الأوقات المناسبة وعندما يستكمل العمل في مركز معين يتم دفع الوحدات إلى مراكز العمل اللاحقة أي عندما يتم الانتهاء مـن معالجة جزء من الأجزاء يتم دفعه إلى العملية اللاحقة وهكذا تسير العملية لنهاية خط التجميع لكن من الملاحظ أن العامل في العملية اللاحقة قد لا يكون مستعد بعد لتلقي المزيد مما يؤدي لتكدس الوحدات عند نقطة معينة على خط الإنتاج و هذا ما يتلافاه أسلوب السحب .
ب- أسلوب السحب (pull method):
يعتمد نظام الإنتاج الآني أسلوب السحب فالجزء الذي تمت معالجته يسحب مـن العملية السابقة فقط عندما يكـون مطلوباً، والعامل في العملية اللاحقة يطلب الجزء المعني في الوقت المحدد و من الممكن أن يتأخر قليلاً في حدود معينة أما إذا تجاوز العامل تلك الحدود فهذا يعني وجود مشكلة ولابد مـن إيقاف الخط من أجل التركيز على المشكلـة لحلها وإعادة عملية الإنتاج إلى حالتها الطبيعية بأسرع وقت ممكن.هذه السلسة تجعل كل مركز عمل ينتج فقط الوحدات التي تكون مطلوبة لتغذية عمليات التجميع النهائي بالكميات المطلوبة، كما أن النشاطات الرئيسية للتخطيط و الرقابة تتكون من تخطيط الإنتاج و تحديد الكميات إضافة لضمان إعلام الموردين بالكميات المطلوبة المخططة من وحدات المواد الخام المطلوبة لتغذية عملية التصنيع، إن هذا الأسلوب فعال جداً لضبط المخزون و مواجهة الطلب بفعالية أكثر من نظام الدفع.
7- المخزون في الحد الأدنى وصولاً للصفري(zero inventory) :
اختلفت النظرة إلى المخزون بالنسبة للمنظمات،فحتى بداية هذا القرن كان المخـزون هو مقياس الثروة و القوة بالنسبة للبلدان والمنظمات، وكانت المستودعات الكبيرة مؤشراً على القوة الاقتصادية، وكانت أسباب الاحتفاظ بالمخزون عديدة أهمها منع حدوث نفاذ مفاجئ من المواد وخوفاً من تأخر الموردين في تسليم المواد المطلوبة في الوقت المناسب وللمحافظة على استمرار أقسام الإنتاج بعملها. بعد تغير النظرة للمخزون اعتبر أنه يهدر موارد كبيرة ويتسبب بكلفة عالية لابد من أن تستخدم بكفاءة حيث أن قيمة المخزون قد تصل في بعض المشروعات الصناعية من 9% إلى 55% وهذا يؤدي إلى تجميد الموارد ورأس المال المستثمر في الأرض والأبنية والمعدات والمواد المختزنة ، لذلك يجب العمل على خفض المخزون من أجل خفض تكلفته وتخفيف مخاطر الاحتفاظ به مثل المخاطر الناجمة عـن التلف أو التقادم أو السرقة والتغيرات الحادة في الأسعار وتجميد رأس المال وتدني سرعـة دورانه.لذلك فإن المنظمات الحديثة أخذت تطور موقفاً واضحاً ضد زيادة المخزون تمثل بالاتجاه نحو نظام الإنتاج الآني، ففي ظل هذا النظام تكون الطلبية من المواد التي تخصص ليوم تكفي استهلاك يوم، مـع خفـض تكلفـة الطلبية إلى أدني مستوى لها وذلك بالاعتماد على موردين قريبين من المصنع مثلا شركة تويوتا يقع 80% من مورديها الذين ترتبط بهم بعلاقات طويلة الأمد على بعد ساعة من مصانعها.
8- خفض وقت التهيئة أو الإعداد (Reducing setup time) :
إن وقت الإعداد يعني وقت إعادة تعديل ومعايرة الآلات من أجل الوجبة الجديدة. يلاحظ أن الإنتاج بوجبات صغيرة يزيد من عدد فترات الإعداد، لهذا فإن نظام الإنتاج الآني يتجـه بشكل جـدي نحو تخفيض وقت الإعداد من خلال إعادة تصميم الآلات و تطويرها أو من خلال تغير التنظيم الداخلي للمصنع وذلك باستخدام التنظيم الداخلـي على أساس المجموعة أو ما يسمى بتكنولوجيا المجاميع .
تخفيض وقت الإعداد أو التهيئة يؤدي لزيادة طاقة الآلات و يقلل المخزون من المواد تامة الصنع و نصف المصنعة كما أنه ضروري لجعل الإنتاج أكثر مرونة و سرعة. إن نظام الإنتاج الآني يعتمد الإنتاج بكميات صغيرة حسب الطلب لذلك يجب العمل على تخفيضه ، إضافة أن تخفيض وقت الإعداد يؤدي بدوره لتخفيض وقت الانتظار في عملية الإنتاج.
لقد حققت تويوتا بتطبيقها هذا النظام تخفيضاً كبيراً في وقت الإعداد وذلك من خلال تركيـز الجهود على إنتاج وجبة جديدة تتكون من (800) طـن من أغطية و صفائح السيارات بوقت تهيئة قدره ساعة واحدة، وعبر خمس سنوات تمكنت تويوتا من خفضه إلى (12) دقيقة وهو أقل من نظيره الأمريكي بشكل لا يقارن، حيث يبلغ وقت الإعـداد في الولايات المتحدة (6) ساعات أي بنسبة (30) ضعف، وتسعى تويـوتا إلى خفض الوقت إلى لمسة واحدة أي أقل من دقيقة واحدة.
إذن الإعدادات و التجهيزات المفردة و السريعة تسعى إليها العديد من المنظمات، فهي تؤدي لوقت إعداد يستغرق بضع دقائق.كما أن الإعدادات بلمسة واحدة أيضاً مطلوبة بشدة فهي تستغرق أقل من دقيقة واحدة وهذا ما تطمح تويوتا الوصول إليه كما ذكرنا.
9- العمالة متعددة المهارات (Multifunction workers) :
واحدة من الأشياء الخاصة التي يحتاجها نظام الإنتاج الآني ليعمل بشكل صحيح هي العمالة متعددة المهام و المهارات، في أغلب الحالات كل عامل يجب أن يتمكن من تشغيل عدة آلات في مجموعة العمل الواحدة و التنقل من آلة لأخرى بحسب ما تتطلبه أجزاء وعمليات الإنتاج.
بما أن الأجزاء لا تُطلب و لا تُورد إلا عند الحاجة إليها على العامل أن يكون قادراً على إيقاف الآلة و الانتقال لعمل آخر عند وجود حاجة لأجزاء إنتاجية تحتاجها آلة أخرى في عمليتها
الإنتاجية، على العامل أيضاً أن يكون قادراً على إعداد الآلات ، إجراء الصيانة الروتينية، فحص أجزاء الآلات ، وهذا بشكل بديهي يتطلب عاملين مدربين بشكل جيد على عدة مهارات مختلفة ومتنوعة.
إن الحصول على قوة عمالة مرنة ربما يتطلب تغيير في طرق دفع الأجور لهذه العمالة و طرق توزيع المكافآت، فنظم الأجور التقليدية تعتمد غالباً على الأقدمية و مستوى المهارة في العمل .كما أن أنظمة الأجور وفق الإنتاج الآني تحتاج لتلك العمالة التي تكافئ على أساس عدد الأعمال المختلفة التي تستطيع تأديتها، وهذا سيدفع العاملين ليتعلموا مهارات أكثر و يصبحوا أكثر مرونة .كنتيجة نقول نظام الإنتاج الآني لا يمكن تطبيقه بدون فهم تام له من قبل العاملين و تعاون تام بينهم ، لذلك يجب على الإدارة أن تضمن فهم العاملين لأدواتهم الجديدة و قبولهم بطريقة و نظرة نظام الإنتاج الآني في التصنيع.
إذاً العمالة متعددة المهارات تحقق فوائد عديدة نذكر منها :
بما أن نظام الإنتاج الآني قائم على تخفيض وقت إعداد الآلات، فإن العامل يدرب على القيام بتنظيف الآلات وتعديلها وتهيئتها وهذه المسؤولية تجعله أكثر وعياً للخطأ أثناء العمل.
إن مهارة العاملين تساعد على تقليص تكاليف المناولة وزيادة سرعتها والتنسيق الدقيق بين العاملين مما يزيد من الجودة ويسهل العملية.
إن العاملين في هذا النظام هم المسئولون عن الجودة وفحصها وحل مشكلاتها ويكلفون بتحسين الإنتاجية والجودة.
إن تعدد المهارات يخلص العاملين من الرتابة والملل ويقلص المنازعات في العمل،كماو يقلص من مقاومة التغيير في حال تم إدخال أتمتمة العمل لأن العاملين لديهم مرونة فـي الانتقال من عمل لآخر بسبب تمتعهم بمهارات تؤدي إلى استبدال مهنهم المنخفضة المهارة والأجر بمهن جديدة أعلى مهارة وأجر.
هنا لابد من الإشارة إلى نقطة هامة وهي أن تعدد المهارات يؤدي عادة إلى المزيد مـن التدريب وبالتالـي زيادة كلفته، إلا إن هذه الكلفة الإضافية في التدريب هي أدنى من البدائل الأخرى، فتدريب عاملي الإنتاج على صيانة معداتهم يؤدي إلى تقليص عدد عاملي الصيانة وهذا أكثـر اقتصاداً بالكلفة من البديل الآخر المتمثل بعدد أكبر من عاملي الصيانة.
10- الصيانة الإنتاجية الكلية (Total productive maintenance) :
بما أنه لا وجود لمخزون من البضاعة تامة الصنع يغطي عمليات إنتاج وقع فيها أخطاء وأتلفت البضاعة ،فإن الجودة التامة أو القريبة من التامة أمر مطلوب و محتم في نظام الإنتاج الآني.
بأية حال نظام الإنتاج الآني يركز بشكل كبير على تحسين الجودة لأن الأخطاء إذا وقعت تكتشف بسرعة و مباشرة في الخطوة التالية ضمن العملية الإنتاجية،كما أن نظام الإنتاج الآني مصمم لكشف الأخطاء في القطع المنتجة و إصلاحها مباشرة بدلاً من وضعها في المخازن كقطع تالفة لا فائدة منها.
إذاً الصيانة الوقائية تساعد على معالجة الأمور قبل حدوثها وذلك لاستبعاد توقف الآلات غير المتوقع و استبعاد التغيرات في المعالجة و إطالة عمر الآلة ، تجنب مواجهة الحالة التي تحتاج فيها الآلة لإصلاحات كبيرة ، أخيراً ضمان تدفق جيد للمنتجات.
يتم ما سبق من خلال إشراك العاملين و تعزيز مشاركتهم من خلال أخذ الآراء و المقترحات الجديدة وتطبيقها ، كما أن إشراك العاملين في التخطيط و الجدولة لأعمال الصيانة الوقائية أساسي لضمان حدوثها بشكل منظم ودون عرقلة للإنتاج.
إن نظام الإنتاج الآني يوفر ميزتين في مجال الصيانة الوقائية:
الميزة الأولى: اعتمـاده على مبدأ إيقاف العملية الذي يوفر فرصة كبيرة لتركيز الجهود من أجل إيجاد سبب المشكلة بسرعة لإزالتها.
الميزة الثانية: إن حدوث الأعطال في نظام الإنتاج الآني يكون مؤشراً على المجـال المحتمل للتحسين اللاحق في المعدات وقطع الغيار وخدمات الصيانة وتدريب العاملين لتجنب مثل هذه الأعطال.
11- التصنيع الخلوي أو البؤري (Cellular manufacturing) :
وفق نظام الإنتاج الآني الترتيب الداخلي للمصنع يُصمم بشكل يؤدي إلى تقليل مناولة المواد وحركتها ، تقليل المخزون من المواد شبه المصنعة إضافة لتقليل وقت الدورة و الأهم تحسين تدفق المعلومات .
لتحقيق ما سبق اليابانيون يفضلون ترتيب المصنع على أساس المُنتج فينظمون عمليات الإنتاج وفق ما يسمى بعوائل الأجزاء (Families of parts) وذلك بعدد من الخلايا تأخذ شكل الحرف (U) وهذا ما يطلق عليه التصنيع الخلوي ،حيث يُخصص عامل أو أكثر للعمل على عدة آلات مخصصة لإنتاج عوائل من الأجزاء في كل خانة حيث يقوم العامل بالعمل على جزء واحد حتى الانتهاء منه وكل عامل له ممر محدد خلال الآلة التي يعمل عليها ويتعامل بمعالجة جزء واحد في اللحظة الزمنية أي إنتاج وحدة واحدة.
إذاً نستطيع القول أن التصنيع الخلوي يقوم على عدة مبادئ نبسطها بما يلي:
أ- وجود طرق متعددة للمنافسة وليس فقط طريقة الإنتاج بكلفـة متدنية، لأن المنافسـة عادة ما توضع على أساس سعري بشكل طبيعي، لذا لابد من الاهتمام بالطرق الأخرى لتحقيق الميزة التنافسية فكما لاحظنا يتم التركيز على الترتيب الداخلي لتقليل التكاليف ، حركات المناولة ، تخفيض المخزون من المواد نصف المصنعة وغيرها بالتالي تحقيق مزايا تنافسية.
ب- إن المصنع لا يمكن أن يحقق ما هو جيد بكـل المقايـيس لأن هـذه المقاييـس متعـددة ومتنوعة ولا يمكن إنجازها بالتساوي، لذلك لابُد من القيام بعملية المفاضلة بين البدائل، مثـل المفاضلة علـى أساس إدخال منتج جديد أو تطوير المنتج الحالي، أو المفاضلة بين أوقات التوريد قصيرة أو متوسطة أو طويلة لكن الاعتماد على عوائل الأجزاء يساعد على المزج بين عمليات الإنتاج لأكثر من صنف بالتالي يمكن إدخال منتج جديد و متابعة إنتاج المنتج الحالي.
ت- البساطة والتكرار والتجانس تولد الكفاءة: وهذا ما يقوم علية المصنع البؤري.مما سبق نلاحظ أن نظام الإنتاج الآني يقوم على مفاهيم المصنع البؤري ويبدو ذلك من خـلال خط إنتاجه الذي يستخدم نفس المعدات لإنتاج نفس الأجزاء المستخدمة في أنماط منتجات مختلفة وكذلك في تماثـل المهـام التي تعتبر أساساً مهمـاً في اختيار مجموعات المنتجات التي يتم التركيز عليها من نواحي الحجم والأسواق والتكنولوجيا والنتيجة أن المصنع البؤري أو الخلوي أكثر كفاءة من ناحية الكلفة و الكمية و الجودة.
تعلم أكثر،كن متميزاً،نمي قدراتك
تتمثل العناصر الأساسية والمتطلبات التي يعتمد عليها نظام الإنتاج الآني بما يلي ونمثلها بالشكل التوضيحي التالي:
1- التخلص من العادم و التالف أو الهدر(Elimination of waste):
يعرف العادم أو التالف بأنه أي شيء يزيد عن الحد اللازم لخلق قيمة للمنتج وذلك فيما يتعلق بالمعدات،المواد،الأجزاء ،المساحة،ووقت العاملين.هذا يعني أن العادم أوالتا لف يمثل كل شيء لا يضيف قيمة للمُنتج النهائي،وللتخلص منه على المنظمات أن تحدد بشكل واضح ما الذي يؤدي لإضافة قيمة والذي لا يؤدي لإضافة قيمة و استثناء الأنشطة التي تزيد في التكاليف وبالتالي تخفض في أرباح المنظمات.
بالتالي يعمل نظام الإنتاج الآني على إزالة الهدر بكافة أشكاله سواء ما يصنـف بالهـدر التقليـدي كالوقت و رأس المال العاطلين بصورة غير مبررة اقتصادياً أو التلف والعطل في الآلات أو الأرض وغيرها، أو ما كان خارج المفهوم التقليدي مثل هدر الموارد البشرية، وبحسب الجمعية الأمريكية للمهندسين تتمثل الخطوات الأساسية لانسياب العملية الإنتاجية بالشكل التالي:
وتفسر الأشكال في الرسم الموضح أعلاه كما يلي:
العملية ورمزها الدائرة، النقل رمزه السهم ، التأخير رمزه D
الفحص رمزه المربع ، التخزين رمزه المثلث
إلا أن نظام الإنتاج الآني يرى بأن كل ماسبق يمثل هدراً ماعدا العملية، حيث أن العناصر الأربعة السابقة (النقل، التأخير، الفحص، التخزين) لا تخلق قيمة إضافية.
فعد المواد وإحصائها لا يضيف قيمة، كما أن تحريكها من مكان لآخر لا يخلق قيمة بل ربما يؤدي إلى فقدها أو تضررها، وكذلك خزنها لا يضيف قيمة بل يؤدي إلى تحمل تكلفة الاحتفاظ بالمخزون، حتى عملية الفحص لا تخلق قيمة و إنما تؤكد أن العمليـة قد تحققـت أي أن نشاط الفحص بذاته لا يضيف قيمة.حيث أن القيمة المضافة حسب نظام الإنتاج الآني تتحقق فقط في العملية التي تؤدي إلى التغير المادي في المنتج، بالتالي تكون عملية الإنتاج و انسيابها في نظام الإنتاج الآني في الشكل البسيط التالي:
2- احترام الأفراد العاملين (Respect of workers) :
إضافة لاهتمام نظام الإنتاج الآني بالتخلص من التالف و الهدر، هو يعتمد بشكل أساسي و كبير على احترام الأفراد و العاملين ، حيث يعتبر أن تحسين الإنتاجية لا يمكن أن يتم بدون دعم العاملين فهؤلاء هم الذين ينجزون الأعمال و مسؤولون عن نجاح المنظمة ، كما أنهم مصدر للأفكار فيما يتعلق بتحسين الجودة لقربهم من وتماسهم مع العملية الإنتاجية لذلك يعتبر الاهتمام بالعنصر البشري من أولويات نظام الإنتاج الآني.
فشركة تويوتا تعامل كافة العاملين كزملاء وشركاء يأكلون في نفس المكان و يلبسون نفس اللباس وهناك مواقف لحافلات الجميع كما أن هناك مكاتب خاصة بهم تتوضع بدون جدران ، ولكي يقدم العاملون أفضل ما لديهم تزيل الإدارة من نفوسهم الخوف من ارتكاب الأخطاء أو تضمينها في تقاريرهم ، فمن الخطأ نتعلم و نتفادى الوقوع فيه مجدداً.
3- التحسين المستمر(Continuous improvement) :
التحسين المستمر أساسي لنجاح المنظمات مهما كان المستوى الذي وصلت إليه المنظمة يبقى هنالك حيز للتحسين، فالوقوف عند مستوى معين يعني السماح للمنافسين بتجاوزنا.
التحسين المستمر يتضمن تغييرات متزايدة يمكن رؤية آثارها على المدى القصير كما أنه يؤدي لمساهمات مهمة على المدى البعيد، وللوصول لهذا التحسين بشكله الصحيح لابد من دعم الإدارة العليا بالدرجة الأولى حيث أنها مطالبة بتبني الهياكل الداعمة و الضرورية لعملية التحسين وعلى رأسها تلك التي تؤكد على مشاركة العاملين في كافة الأنشطة و العمليات لتضمن قبولهم لعملية التحسين المستمر و الذي يعد وسيلة هامة تمكن المنظمة من الوصول لأهدافها خصوصاً فيما يتعلق بالمزايا التنافسية و تحقيق الإيرادات.
تجدر الإشارة إلى أن التحسين المستمر لا يشمل فقط العمليات أو الأنشطة العملياتية و المادية إنما يشمل أيضا تحسين و تطوير في مجالات الموارد البشرية،الأهداف ،الرؤية ،الرسالة وكل ما له أثر ودور في مسيرة حياة المنظمة.
4- التركيز على العملاء (Focus on customer) :
إن التركيز على العملاء يعتبر الأساس و القوة الدافعة وراء مصطلح الجودة و تحسين الإنتاجية و أخيراً نجاح المنظمة، حيث أن التركيز على الزبائن يتجاوز استلام طلباتهم و تنفيذها، وإنما يتطلب الاتصال والتواصل معهم مما يشعرهم أن المنظمة قريبة منهم ومهتمة بهم، وهذه الميزة تساعد المنظمة على تحديد الكميات المطلوب إنتاجها والمواصفات والأوقات المناسبة مما يساعد على وضع خطة الاحتياجات لتأمينها بالأوقات المناسبة كما أن الاتصال المباشر بالعملاء سيمكن المنظمة من تحديد توقعاتهم بشكل دقيق بالتالي إجراء التحسينات المطلوبة لتحقيق ما يرغبون به و هذا يعطيهم انطباع أن المنظمة تهتم بهم.كما يمكن دعوة العملاء للمنظمة لمشاهدة تفوق أداءها في مجال النوعية و كافة العمليات التصنيعية و هذا سيعزز فهم و إدراك العملاء لجودة المنتج في المنظمة.
5- معدل إنتاج منتظم (fixed rate of production) :
يتطلب نظام الإنتاج الآني تحقيق انسيابية كفوءة للمواد من الموردين إلى عمليات الإنتاج إلى المستهلكين دون تأخير أو عرقلة باستثناء بعض التأخير الذي قد تحصل أثناء عمليات الإنتاج ، من المفروض أن يكون المخزون في حده الأدنى و يتم اعتماد الجدولة من (1-3) أشهر مستقبلية تقسم لمستويات أسبوعية و يومية حسب حاجة العملية الإنتاجية.
يهدف هذا الإجراء تحقيق انسيابية متزامنة بكميات صغيرة من المواد الخام و بمعدلات منتظمة وعليه لا يوجد مخزون فائض في النظام حيث يتم اعتماد الجدولة المطلوبة وفقاً لتحقيق ذلك فمعظم المنظمات التي تعتمد نظام الإنتاج الآني تضع معدلات إنتاج شهرية و تحدد كميات الإنتاج اليومية على هذا الأساس الشهري و بدلاً من إنتاج سلعة واحدة لفترة طويلة من ثم الانتقال لإنتاج سلعة أخرى تستخدم هذه المنظمات تقنية النموذج المزيجي للتجميع والذي يطلق عليه (mix of model) فكل يوم يتم إنتاج مزيج من النماذج كسلسلة قصيرة متكررة و عليه كل نموذج سيعاد إنتاجه بشكل متكرر بنسب تناسب مقدار الطلب عليها.
6- التنسيق بين مراكز العمل (Organization between work centers) :
من العناصر الهامة لنظام الإنتاج الآني هو التنسيق بين عمليات التجميع و التصنيع بين مراكز العمل و التي تغذي خط الإنتاج خاصة إذا تم تغيير مزيج المنتجات بشكل متكرر و هناك أسلوبين للتنسيق بين المراكز هما:
أ- أسلوب الدفع (push method) :
ضمن هذا الأسلوب والذي يستخدم في الإنتاج التقليدي غالباً تقوم مجموعة الرقابة على الإنتاج بجدولة الكميات الضرورية من المواد الخام لإنتاج جميع الوحدات من الكميات المطلوبة للتجميع النهائي حيث يتم توفير المواد الخام للعاملين عند بداية مراكز العمل في الأوقات المناسبة وعندما يستكمل العمل في مركز معين يتم دفع الوحدات إلى مراكز العمل اللاحقة أي عندما يتم الانتهاء مـن معالجة جزء من الأجزاء يتم دفعه إلى العملية اللاحقة وهكذا تسير العملية لنهاية خط التجميع لكن من الملاحظ أن العامل في العملية اللاحقة قد لا يكون مستعد بعد لتلقي المزيد مما يؤدي لتكدس الوحدات عند نقطة معينة على خط الإنتاج و هذا ما يتلافاه أسلوب السحب .
ب- أسلوب السحب (pull method):
يعتمد نظام الإنتاج الآني أسلوب السحب فالجزء الذي تمت معالجته يسحب مـن العملية السابقة فقط عندما يكـون مطلوباً، والعامل في العملية اللاحقة يطلب الجزء المعني في الوقت المحدد و من الممكن أن يتأخر قليلاً في حدود معينة أما إذا تجاوز العامل تلك الحدود فهذا يعني وجود مشكلة ولابد مـن إيقاف الخط من أجل التركيز على المشكلـة لحلها وإعادة عملية الإنتاج إلى حالتها الطبيعية بأسرع وقت ممكن.هذه السلسة تجعل كل مركز عمل ينتج فقط الوحدات التي تكون مطلوبة لتغذية عمليات التجميع النهائي بالكميات المطلوبة، كما أن النشاطات الرئيسية للتخطيط و الرقابة تتكون من تخطيط الإنتاج و تحديد الكميات إضافة لضمان إعلام الموردين بالكميات المطلوبة المخططة من وحدات المواد الخام المطلوبة لتغذية عملية التصنيع، إن هذا الأسلوب فعال جداً لضبط المخزون و مواجهة الطلب بفعالية أكثر من نظام الدفع.
7- المخزون في الحد الأدنى وصولاً للصفري(zero inventory) :
اختلفت النظرة إلى المخزون بالنسبة للمنظمات،فحتى بداية هذا القرن كان المخـزون هو مقياس الثروة و القوة بالنسبة للبلدان والمنظمات، وكانت المستودعات الكبيرة مؤشراً على القوة الاقتصادية، وكانت أسباب الاحتفاظ بالمخزون عديدة أهمها منع حدوث نفاذ مفاجئ من المواد وخوفاً من تأخر الموردين في تسليم المواد المطلوبة في الوقت المناسب وللمحافظة على استمرار أقسام الإنتاج بعملها. بعد تغير النظرة للمخزون اعتبر أنه يهدر موارد كبيرة ويتسبب بكلفة عالية لابد من أن تستخدم بكفاءة حيث أن قيمة المخزون قد تصل في بعض المشروعات الصناعية من 9% إلى 55% وهذا يؤدي إلى تجميد الموارد ورأس المال المستثمر في الأرض والأبنية والمعدات والمواد المختزنة ، لذلك يجب العمل على خفض المخزون من أجل خفض تكلفته وتخفيف مخاطر الاحتفاظ به مثل المخاطر الناجمة عـن التلف أو التقادم أو السرقة والتغيرات الحادة في الأسعار وتجميد رأس المال وتدني سرعـة دورانه.لذلك فإن المنظمات الحديثة أخذت تطور موقفاً واضحاً ضد زيادة المخزون تمثل بالاتجاه نحو نظام الإنتاج الآني، ففي ظل هذا النظام تكون الطلبية من المواد التي تخصص ليوم تكفي استهلاك يوم، مـع خفـض تكلفـة الطلبية إلى أدني مستوى لها وذلك بالاعتماد على موردين قريبين من المصنع مثلا شركة تويوتا يقع 80% من مورديها الذين ترتبط بهم بعلاقات طويلة الأمد على بعد ساعة من مصانعها.
8- خفض وقت التهيئة أو الإعداد (Reducing setup time) :
إن وقت الإعداد يعني وقت إعادة تعديل ومعايرة الآلات من أجل الوجبة الجديدة. يلاحظ أن الإنتاج بوجبات صغيرة يزيد من عدد فترات الإعداد، لهذا فإن نظام الإنتاج الآني يتجـه بشكل جـدي نحو تخفيض وقت الإعداد من خلال إعادة تصميم الآلات و تطويرها أو من خلال تغير التنظيم الداخلي للمصنع وذلك باستخدام التنظيم الداخلـي على أساس المجموعة أو ما يسمى بتكنولوجيا المجاميع .
تخفيض وقت الإعداد أو التهيئة يؤدي لزيادة طاقة الآلات و يقلل المخزون من المواد تامة الصنع و نصف المصنعة كما أنه ضروري لجعل الإنتاج أكثر مرونة و سرعة. إن نظام الإنتاج الآني يعتمد الإنتاج بكميات صغيرة حسب الطلب لذلك يجب العمل على تخفيضه ، إضافة أن تخفيض وقت الإعداد يؤدي بدوره لتخفيض وقت الانتظار في عملية الإنتاج.
لقد حققت تويوتا بتطبيقها هذا النظام تخفيضاً كبيراً في وقت الإعداد وذلك من خلال تركيـز الجهود على إنتاج وجبة جديدة تتكون من (800) طـن من أغطية و صفائح السيارات بوقت تهيئة قدره ساعة واحدة، وعبر خمس سنوات تمكنت تويوتا من خفضه إلى (12) دقيقة وهو أقل من نظيره الأمريكي بشكل لا يقارن، حيث يبلغ وقت الإعـداد في الولايات المتحدة (6) ساعات أي بنسبة (30) ضعف، وتسعى تويـوتا إلى خفض الوقت إلى لمسة واحدة أي أقل من دقيقة واحدة.
إذن الإعدادات و التجهيزات المفردة و السريعة تسعى إليها العديد من المنظمات، فهي تؤدي لوقت إعداد يستغرق بضع دقائق.كما أن الإعدادات بلمسة واحدة أيضاً مطلوبة بشدة فهي تستغرق أقل من دقيقة واحدة وهذا ما تطمح تويوتا الوصول إليه كما ذكرنا.
9- العمالة متعددة المهارات (Multifunction workers) :
واحدة من الأشياء الخاصة التي يحتاجها نظام الإنتاج الآني ليعمل بشكل صحيح هي العمالة متعددة المهام و المهارات، في أغلب الحالات كل عامل يجب أن يتمكن من تشغيل عدة آلات في مجموعة العمل الواحدة و التنقل من آلة لأخرى بحسب ما تتطلبه أجزاء وعمليات الإنتاج.
بما أن الأجزاء لا تُطلب و لا تُورد إلا عند الحاجة إليها على العامل أن يكون قادراً على إيقاف الآلة و الانتقال لعمل آخر عند وجود حاجة لأجزاء إنتاجية تحتاجها آلة أخرى في عمليتها
الإنتاجية، على العامل أيضاً أن يكون قادراً على إعداد الآلات ، إجراء الصيانة الروتينية، فحص أجزاء الآلات ، وهذا بشكل بديهي يتطلب عاملين مدربين بشكل جيد على عدة مهارات مختلفة ومتنوعة.
إن الحصول على قوة عمالة مرنة ربما يتطلب تغيير في طرق دفع الأجور لهذه العمالة و طرق توزيع المكافآت، فنظم الأجور التقليدية تعتمد غالباً على الأقدمية و مستوى المهارة في العمل .كما أن أنظمة الأجور وفق الإنتاج الآني تحتاج لتلك العمالة التي تكافئ على أساس عدد الأعمال المختلفة التي تستطيع تأديتها، وهذا سيدفع العاملين ليتعلموا مهارات أكثر و يصبحوا أكثر مرونة .كنتيجة نقول نظام الإنتاج الآني لا يمكن تطبيقه بدون فهم تام له من قبل العاملين و تعاون تام بينهم ، لذلك يجب على الإدارة أن تضمن فهم العاملين لأدواتهم الجديدة و قبولهم بطريقة و نظرة نظام الإنتاج الآني في التصنيع.
إذاً العمالة متعددة المهارات تحقق فوائد عديدة نذكر منها :
بما أن نظام الإنتاج الآني قائم على تخفيض وقت إعداد الآلات، فإن العامل يدرب على القيام بتنظيف الآلات وتعديلها وتهيئتها وهذه المسؤولية تجعله أكثر وعياً للخطأ أثناء العمل.
إن مهارة العاملين تساعد على تقليص تكاليف المناولة وزيادة سرعتها والتنسيق الدقيق بين العاملين مما يزيد من الجودة ويسهل العملية.
إن العاملين في هذا النظام هم المسئولون عن الجودة وفحصها وحل مشكلاتها ويكلفون بتحسين الإنتاجية والجودة.
إن تعدد المهارات يخلص العاملين من الرتابة والملل ويقلص المنازعات في العمل،كماو يقلص من مقاومة التغيير في حال تم إدخال أتمتمة العمل لأن العاملين لديهم مرونة فـي الانتقال من عمل لآخر بسبب تمتعهم بمهارات تؤدي إلى استبدال مهنهم المنخفضة المهارة والأجر بمهن جديدة أعلى مهارة وأجر.
هنا لابد من الإشارة إلى نقطة هامة وهي أن تعدد المهارات يؤدي عادة إلى المزيد مـن التدريب وبالتالـي زيادة كلفته، إلا إن هذه الكلفة الإضافية في التدريب هي أدنى من البدائل الأخرى، فتدريب عاملي الإنتاج على صيانة معداتهم يؤدي إلى تقليص عدد عاملي الصيانة وهذا أكثـر اقتصاداً بالكلفة من البديل الآخر المتمثل بعدد أكبر من عاملي الصيانة.
10- الصيانة الإنتاجية الكلية (Total productive maintenance) :
بما أنه لا وجود لمخزون من البضاعة تامة الصنع يغطي عمليات إنتاج وقع فيها أخطاء وأتلفت البضاعة ،فإن الجودة التامة أو القريبة من التامة أمر مطلوب و محتم في نظام الإنتاج الآني.
بأية حال نظام الإنتاج الآني يركز بشكل كبير على تحسين الجودة لأن الأخطاء إذا وقعت تكتشف بسرعة و مباشرة في الخطوة التالية ضمن العملية الإنتاجية،كما أن نظام الإنتاج الآني مصمم لكشف الأخطاء في القطع المنتجة و إصلاحها مباشرة بدلاً من وضعها في المخازن كقطع تالفة لا فائدة منها.
إذاً الصيانة الوقائية تساعد على معالجة الأمور قبل حدوثها وذلك لاستبعاد توقف الآلات غير المتوقع و استبعاد التغيرات في المعالجة و إطالة عمر الآلة ، تجنب مواجهة الحالة التي تحتاج فيها الآلة لإصلاحات كبيرة ، أخيراً ضمان تدفق جيد للمنتجات.
يتم ما سبق من خلال إشراك العاملين و تعزيز مشاركتهم من خلال أخذ الآراء و المقترحات الجديدة وتطبيقها ، كما أن إشراك العاملين في التخطيط و الجدولة لأعمال الصيانة الوقائية أساسي لضمان حدوثها بشكل منظم ودون عرقلة للإنتاج.
إن نظام الإنتاج الآني يوفر ميزتين في مجال الصيانة الوقائية:
الميزة الأولى: اعتمـاده على مبدأ إيقاف العملية الذي يوفر فرصة كبيرة لتركيز الجهود من أجل إيجاد سبب المشكلة بسرعة لإزالتها.
الميزة الثانية: إن حدوث الأعطال في نظام الإنتاج الآني يكون مؤشراً على المجـال المحتمل للتحسين اللاحق في المعدات وقطع الغيار وخدمات الصيانة وتدريب العاملين لتجنب مثل هذه الأعطال.
11- التصنيع الخلوي أو البؤري (Cellular manufacturing) :
وفق نظام الإنتاج الآني الترتيب الداخلي للمصنع يُصمم بشكل يؤدي إلى تقليل مناولة المواد وحركتها ، تقليل المخزون من المواد شبه المصنعة إضافة لتقليل وقت الدورة و الأهم تحسين تدفق المعلومات .
لتحقيق ما سبق اليابانيون يفضلون ترتيب المصنع على أساس المُنتج فينظمون عمليات الإنتاج وفق ما يسمى بعوائل الأجزاء (Families of parts) وذلك بعدد من الخلايا تأخذ شكل الحرف (U) وهذا ما يطلق عليه التصنيع الخلوي ،حيث يُخصص عامل أو أكثر للعمل على عدة آلات مخصصة لإنتاج عوائل من الأجزاء في كل خانة حيث يقوم العامل بالعمل على جزء واحد حتى الانتهاء منه وكل عامل له ممر محدد خلال الآلة التي يعمل عليها ويتعامل بمعالجة جزء واحد في اللحظة الزمنية أي إنتاج وحدة واحدة.
إذاً نستطيع القول أن التصنيع الخلوي يقوم على عدة مبادئ نبسطها بما يلي:
أ- وجود طرق متعددة للمنافسة وليس فقط طريقة الإنتاج بكلفـة متدنية، لأن المنافسـة عادة ما توضع على أساس سعري بشكل طبيعي، لذا لابد من الاهتمام بالطرق الأخرى لتحقيق الميزة التنافسية فكما لاحظنا يتم التركيز على الترتيب الداخلي لتقليل التكاليف ، حركات المناولة ، تخفيض المخزون من المواد نصف المصنعة وغيرها بالتالي تحقيق مزايا تنافسية.
ب- إن المصنع لا يمكن أن يحقق ما هو جيد بكـل المقايـيس لأن هـذه المقاييـس متعـددة ومتنوعة ولا يمكن إنجازها بالتساوي، لذلك لابُد من القيام بعملية المفاضلة بين البدائل، مثـل المفاضلة علـى أساس إدخال منتج جديد أو تطوير المنتج الحالي، أو المفاضلة بين أوقات التوريد قصيرة أو متوسطة أو طويلة لكن الاعتماد على عوائل الأجزاء يساعد على المزج بين عمليات الإنتاج لأكثر من صنف بالتالي يمكن إدخال منتج جديد و متابعة إنتاج المنتج الحالي.
ت- البساطة والتكرار والتجانس تولد الكفاءة: وهذا ما يقوم علية المصنع البؤري.مما سبق نلاحظ أن نظام الإنتاج الآني يقوم على مفاهيم المصنع البؤري ويبدو ذلك من خـلال خط إنتاجه الذي يستخدم نفس المعدات لإنتاج نفس الأجزاء المستخدمة في أنماط منتجات مختلفة وكذلك في تماثـل المهـام التي تعتبر أساساً مهمـاً في اختيار مجموعات المنتجات التي يتم التركيز عليها من نواحي الحجم والأسواق والتكنولوجيا والنتيجة أن المصنع البؤري أو الخلوي أكثر كفاءة من ناحية الكلفة و الكمية و الجودة.
ما رأيك بالموضوع !
0 تعليق: